مرحبا عزيري الزائر قم بالتسجيل الأن ..
إذا كان لديك بالفعل حساب لدينا قم بتسجيل الدخول الأن ..


حفظ البيانات .. ؟

هل نسيت كلمة السر .. ؟
العودة   مميز > ::: منتديات مميز الّعَامْة ::: > •~ التربية والتعليم واللغات~•
الملاحظات

 
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 05-07-2021, 12:25 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
عيسى العنزي
اللقب:
مميز بلاتيني
الرتبة:
عضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركة
الصورة الرمزية

الصورة الرمزية عيسى العنزي

البيانات
التسجيل: Apr 2021
العضوية: 5007
المشاركات: 68,237 [+]
بمعدل : 52.19 يوميا
اخر زياره : [+]
الإتصالات
الحالة:
عيسى العنزي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : •~ التربية والتعليم واللغات~•
افتراضي الكتابةُ ، بين الكاتب والقارئ

الكتابةُ ، بين الكاتب والقارئ

ذكَرَ أولو العِلْمِ بفنِّ الكتابَةِ أنّ مَنْ كَتبَ كتاباً فلا يكتُبه إلاّ وهو يَفْتَرِضُ أَنَّ النَّاس كلَّهم له أعداء، وكلّهم عالمٌ بالأمور، وكلّهم متفرِّغ للكاتِبِ، فلا يَرْضَيَنَّ بِكتابِه غُفْلاً، ولا برأيِه عَفْوِيّاً، لأنَّ لابتداءِ الكتابِ فتنةً وعُجْباً،
فإذا سَكَنَت طبيعةُ نَفْسِه وذَهَبَ من العُجْبِ ما بِه، وعادَتِ النفسُ وافرةً، أعادَ النَّظرَ في كِتابِه، وتَوَقَّفَ عندَ فُصولِه تَوقُّفَ مَن يَكونُ وَزنُ طَمَعِه في السّلامةِ أنقَصَ من وزْنِ خَوفِه مِنَ العَيبِ، فَلا يَغُرَنَّ قَوماً خلْوَةُ الحَديثِ
حَتّى لا يَلِجَ بِهِم في العِيِّ والإكْثارِ، ففي الإكْثارِ عِثارٌ، ولا يَخْلَونَّ كاتِبٌ بعِلْمِه عندَ فَقْدِ خُصومِه[1].

فَلا عُذْرَ لَك أيُّها الكاتِبُ إنْ كَتَبْتَ كتابك وقَدْ غابَ عَنْكَ قارئُك الذي هُوَ خَصمُكَ، فَلا تَسْتَريحَنَّ مِنْ شَغَبِ خَصْمِكَ وتَصفُّحِ ناقِدِكَ. ثُمّ إنَّكَ أيُّها الكاتبُ المُنْشِئُ، عَقْلُكَ شَجِيٌّ مَشْغولٌ، فلا تَنْسَيَنَّ أنَّ عَقْلَ القارئِ المُتَصفِّحِ
خَلِيٌّ فارغٌ مُتفرِّغٌ، رَقيبٌ مُترصِّدٌ. هذا، وقَدْ أعْذرَ مَن أنذرَ ، وأنصَفَ مَن حَذَّرَ، و ما قصَّرَ مَن بَصَّرَ.

فأنتَ أيُّها الكاتبُ مُكْرَهٌ على مُراعاةِ قارِئكَ، مُبْتَلىً بمُتابعَتِه، ولا حَقَّ لَكَ في مُجاوَزَتِه، وها أنتَ –استجابةً له ونزولاً عند مَطالبِ نقْده- تعزمُ على إنشاءِ كتابِكَ نشأةً بعدَ أخْرى ومراجعةً تلو أخرى، وسَبْكِه ثانيةً بَعْدَ أُولى،
والعنايَةِ بتهذيبِه وتَشذيبِه، من غيْرِ أن يَدّعِيَ أنّه أوْفى المَطْلوبَ حَقوقَه وشَرائطَه.

ولكن، أليسَ هؤلاءِ يفقَهونَ فنَّ الكتابَة، وفضلَ الكتابَة، وقَواعدَ الكتابَةِ، وشُروطَها وآدابَها؟ أجَلْ، كلّ النّاسِ يعلَمُ أنّه لولا الكُتبُ المدوَّنَةُ والأخبارُ المخلَّدةُ، والحِكمُ المخطوطةُ، لبَطَلَ أكثرُ العلمِ، ولغلَبَ النِّسيانُ الذِّكْرَ، ولَمَا كانَ
للناسِ مَفزعٌ إلى مَوضعِ اسْتذكارٍ، ولحُرِموا أكثرَ المَنافع؛ ولكنّهُم يَنبَغي أن يَعْلَموا قَبْلَ ذلِكَ أنْ ليسَت العِبرَةُ بكثرَةِ المَكتوباتِ والمَقْروءاتِ، وإنّما العِبرةُ بوَظيفتِها ومَقاصدِها، وأنْ يَعْلَموا أنّ الكتابَةَ عَهدٌ وعَقدٌ بين الكاتبِ والقارئِ،
فلولاها لبَطَلت العُهودُ والشروطُ، فينبغي أن يُخْلِصُوا فيما ائْـتُـمِنوا عَليْه، وأن يُجِلّوا الكتابَةَ ويُعْظِموا قَدرَها وخَطَرَها، وأنّ أشرفَ الكَلامِ وأَعظمَه مِن القُلوب مَوْقعاً ما دَلّ بعضُه على كُلّه، وكَفى قليلُه عن كَثيره، فرُبّ إشارة أبلغُ
من لَفظ، وكنايةٍ مِن حَقيقةٍ، إذا سَدَّتْ مَسدَّ الكلام، وذلِكَ لقِلَّةِ مَؤونَتِها وخِفّة مَحْمَلِها. فَما أحبَّ التخْفيفَ والحَذْفَ إلى النّفسِ، وماأكرَه إليْها التثْقيلَ والتَّطويلَ، ولو اقتصدَ النّاسُ في الكَلامِ اقتصادَهُم في العَيش وتدبيرِ الأمورِ،
لقالَ الكُتّابُ ما قلّ ودلَّ، ولَما سُوِّدَتْ صَحائفُ إلاّ في مَنفعةٍ وخَيْرٍ، ولَخَرَجوا بالاقْتصادِ في الكَلامِ مِنْ دائِرَةِ الكَلامِ والعِبارةِ اللُّغَوِيَّةِ إلى دائِرةِ الفِعْلِ والسُّلوكِ، لِيَصيرَ الإيجازُ مَنْهَجَ حَياةٍ وأسْلوباً في الفِكْرِ والفِعْلِ؛ وانْتِقالاً بالأمّةِ
مِنْ حالَةِ الفَوْضى في المَنْهَجِ إلى حالَةِ النِّظامِ والتَّوازُنِ، ومِنْ طَريقِ الإسْرافِ والتَّبْذيرِ إلى طَريقِ الوَسَطِيّةِ والقَصْدِ والاعْتِدالِ[2]

ذلِكَ هو الكتابُ، وذلِكَ أثرُه في تغييرِ أحْوالِ الإنسانِ والعالَم من حَوْلِه، ولقَد عَرفَ العُلماءُ منذُ القَديمِ قيمةَ الكتاب وخَطَرَه، فرَحلوا إلى طَلَبِ العلمِ والْتَمَسوا كُلَّ طَريقٍ يبلغُ بهِم الغايةَ، رَحَلَ أهلُ المغْرِب والأندَلُسِ إلى القَيْـرَوانِ
ومِصرَ والشّامِ والحجازِ فَلَقُوا العُلَماءَ وأخذوا عنهم ورَووْا وأجِيزُوا لحمل العلمِ والرّوايَةِ عنهُم، وصنّفوا الفَهارِسَ والبَرامجَ.

لقَد كانَ دونَ الحُصولِ على الكِتَابِ خَرطُ القَتادِ، تُشدُّ إليه الرِّحالُ وتُضربُ أكبادُ الإبِل، أمّا اليومَ فقَد وصلَت الكُتبُ من كُلّ أقطارِ الدّنيا، تَأتيكَ بين يَديْكَ سَعْياً، بَل أصبحَ الكتابُ يَقْتَحِمُ كُلَّ البُيوتِ فيُعْرَضُ عليْك مُصَوّراً على شاشاتِ
الحَواسيبِ تُحمِّلُه من الشّبكةِ ثُمّ تُقلِّبُ صَفحاتِه كَما َتَشاءُ، من غيرِ أن تَبذلُ في الحُصولِ عليه جُهداً أو مالاً، وكأنّه يَقولُ بلسانِ حالِه: هذا الكتابُ، فأيْنَ القارئُ ؟

هل الكتابَةُ فعلٌ تفاعليّ ؟
يُقالُ إنّ الكتابةَ فعلٌ تَفاعليّ يقتضي من الكاتب أن يغوصَ في واقع المجتمَع ويُشارِكَه همومَه. والحقيقةُ أنّ في هذا الكلامِ وجهَيْن اثنيْن يَبدُوانِ مُتعارضَيْن:
* أولُهما الانسِلاكُ في لُجّة المجتمَع ومشكلاتِه وظواهِرِه للوُقوف على حَقائق الأشياء وطَبائع الناسِ وأشكالِ المعاناة
* أمّا الوجه الآخَرُ المخالفُ فهو أنّ الكاتبَ لا يكتبُ حينَ يكتبُ إلاّ وهو خارجَ الذّات الموصوفَة، فإن لمْ يخرجْ من خِضمِّ تلكَ الظواهر وظلَّ منشغلاً بها وبمتغيّراتها فإنّه لَن يَستطيعَ أن يتأمّلَها إلاّ بعد الخُروج منها والعلوّ عليْها والتّفكيرِ فيها
من بعيدٍ، فيُجرّد منها أفكاراً ومَفاهيمَ تُتَّخذُ مَوضوعَ تأمّلٍ يَنوبُ عن ظواهر المجتمع في قاعدتِها المادّيّةِ الملموسَة.
فإنّ للأفكارِ طبائعَ تفرضُ على الكاتبِ هيئاتٍ وأحوالَ نفسٍ حتّى تَنْقادَ له وتُسْلمَ نفسَها ليتأمّلها ويُقلّبَ فيها النّظرَ التأمّليَّ، وهذا شرطٌ من شروطِ الكتابةِ: الدّخولُ في نَسَقِ الجسمِ الاجتماعيّ الموصوفِ لاستيعاب ظواهرِه، ثمّ الخُروجُ
منه وانتزاعُ مفاهيمَ وصورٍ ذهنيّةٍ منه للتمكُّن من رؤيته ووصفه وتفْسيرِه.












توقيع : عيسى العنزي






عرض البوم صور عيسى العنزي   رد مع اقتباس
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:52 PM.



Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, hyyat
الموضوعات المنشورة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي كاتبها فقط