متلازمةُ الجنين الكحوليِّ

يمكن أن يؤدِّي الكحولُ إلى الإضرار بالطفل في أي مرحلة من مراحل الحمل. كما يمكن أن يحدث هذا الضرر حتى قبل أن تعرف الأم أنها حامل. إن متلازمة الجنين الكحولي (fas) هي حالة ناتجة عن التعرض للكحول خلال الحمل. تشتمل المشكلاتُ التي قد تنتج عن متلازمة الجنين الكحولي على تشوهات جسدية، وتأخر عقلي، واضطرابات في التعلم، وصعوبات في الرؤية، ومشكلات سلوكية. يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي متلازمة الجنين الكحولي. وهو يناقش آثار تناول الأم الكحول خلال حملها، وكذلك أعراض هذا الاضطراب وسُبُل معالجته.
الحَمل والكحول

تقع الأعضاء الإنجابية الأنثوية في منطقة الحوض بين المثانة والمستقيم. وهي تشتمل على ما يلي:

• المبيضان.
• البوقان.
• الرحم.
• عنق الرحم.
• المَهبِل.

عندما تحبل المرأة، فإن الجنين يظل في الرحم حتى الولادة. إن الرحم قادر على التمدد كثيراً. خلال الحمل، يكون الطفلُ موجوداً ضمن سائل خاص يدعى باسم "السائل الأمينوسي". ويوجد الطفل والسائل الأمينوسي معاً ضمن كيس يدعى باسم "الكيس الأمينوسي"، أو السَلَوي، في داخل الرحم. يتلقى الطفل الغذاء من المشيمة. والمشيمة هي عضو موجود بين الكيس الأمينوسي والرحم. وهي تنمو مع نمو الجنين خلال مرحلة الحمل. يوفِّر دم الأم الأكسجين والمواد المغذية للطفل عن طريق المشيمة. كما يقوم دم الأم بإزالة الفضلات من دم الجنين عن طريق المشيمة أيضاً. إذا تناولت الأم الكحول خلال حملها، فإن الكحول يدخل ضمن مجرى الدم. وهو يصل إلى الجنين عن طريق المشيمة. يقوم جسم الجنين باستقلاب الكحول على نحو بطيء، بالمقارنة مع استقلابه لدى البالغين. ولهذا السبب فإن سوية الكحول في دم الجنين سوف تكون أعلى من سويته في دم الأم. إنَّ الكحول يعيق إيصال الأوكسجين والمواد المغذية إلى نسج الجنين وأعضائه، بما في ذلك دماغ الجنين. يمكن أن يؤدي تناول الكحول خلال الحمل إلى ما يلي:

• الإجهاض، أو موت الجنين قبل الأسبوع العشرين من الحمل.
• ولادة طفل ميت، أو موت الجنين بعد الأسبوع العشرين من الحمل.
• اضطرابات طيف الجنين الكحولي.

تعدُّ متلازمةُ الجنين الكحولي النوع الأكثر خطورة من أنواع طيف اضطرابات الجنين الكحولي. لا توجد كميةٌ من الكحول يمكن اعتبارها آمنة خلال الحمل. وكلما ازداد تناول الأم للكحول خلال حملها، ازداد الخطرُ الواقع على الجنين. لا يجوز أن تتناول المرأة الكحول إذا كانت تريد الحمل. إن دماغ الطفل، وقلبه، وتقاطيع وجهه، وعظامه، وأوعيته الدموية، تبدأ في التشكل في الأسابيع الأولى من الحمل، أي قبل أن تعرف الأم أنها حامل. يجب التوقُّفُ عن تناول الكحول فورَ معرفة الأم أنها حامل، أو فور شكِّها في ذلك. ومن الضروري أيضاً أن تقرر الأم التوقُّف عن تناول الكحول مهما بلغ عمر حملها. لكن التوقفَ المبكر هو الأفضل دائماً من أجل الطفل. إذا كانت لدى الأم مشكلة كحولية، فإن عليها أن تلتمس المساعدة قبل أن تحمل. ويستطيع الطبيب أن يحدد مستوى الاعتماد على الكحول لدى الأم، وأن يضع لها خطة المعالجة المناسبة.
الأعراض

إنَّ متلازمةَ الجنين الكحولي ليست عيباً ولادياً وحيداً، بل إنَّ هناك مجموعة من المشكلات المرتبطة بها. وتتنوع المشكلات الناتجة عن متلازمة الجنين الكحولي من طفل لآخر. لكن هذه المشكلات غير قابلة للإصلاح؛ وهذا يعني أنها غير قابلة للشفاء. متلازمةُ الجنين الكحولي سبب شائع من أسباب التأخر العقلي وصعوبات التعلم. لكن شدة المشكلات العقلية تختلف من حالة لأخرى. قد تشتمل علاماتُ متلازمة الجنين الكحولي على تشوه في شكل الوجه. وهذا ما يشتمل على ما يلي:

• صِغَر العينين.
• شَفَة علوية رقيقة.
• أنف قصير منقلب إلى الأعلى.
• سطح جلدي أملس بين الأنف والشفة العليا.

من الأعراض الأخرى لمتلازمة الجنين الكحولي:

• تشوُّهات في المفاصل والأطراف والأصابع.
• بطء النمو الجسدي قبل الولادة وبعدها.
• صعوبات في الرؤية، أو مشكلات في السمع.
• صِغَر محيط الرأس وصِغَر حجم الدماغ.
• سوء التناسق في الحركة.
• عيوب قلبية.

من الممكن أيضاً أن تسبِّب متلازمة الجنين الكحولي سلوكاً غير طبيعي:

• بطء الانتباه.
• فرط النشاط.
• ضعف التحكُّم في ردود الفعل.
• عصبية شديدة.
• قلق.

التشخيص

لا يستطيع الأطباءُ تشخيصَ متلازمة الجنين الكحولي قبل ولادة الطفل. لكنهم يستطيعون تقييم صحة الأم والجنين خلال مرحلة الحمل. ويستطيع الطبيب تقديم المساعدة في تحديد مقدار خطر الإصابة بمتلازمة الجنين الكحولي. وعلى المرأة إخبار الطبيب بأنَّها تتناول الكحول، وبمقدار ما تتناوله من الكحول أيضاً. على المرأة إخبار الطبيب بأنها كانت تتناول الكحولُ خلال حملها. ويستطيع الطبيب في هذه الحالة مراقبةَ العلامات والأعراض التي تدل على متلازمة الجنين الكحولي خلال الأسابيع والأشهر الأولى من حياة الطفل بعد الولادة. من أجل تشخيص متلازمة الجنين الكحولي، فإن على الطبيب إجراء تقييم لما يلي:

• النمو.
• معالم الوجه.
• الصحَّة القلبية.
• السمع.
• الرؤية.
• القدرات المعرفية.
• التطور اللغوي.
• المهارات الحركية.
• السلوك.

إذا كان لدى المرأة طفل ترعاه، فإنَّها قد لا تعرف شيئاً عما إذا كانت أمه الحقيقية قد تناولت الكحول خلال حملها. وفي هذه الحالة، فإن عليها استشارة الطبيب لتتمكَّنَ من تحديد الأسباب الكامنة خلف أي مشكلات تعلم أو مشكلات سلوكية تظهر لدى الطفل.
المعالجة

لا توجد معالجة محدَّدة قادرة على شفاء متلازمة الجنين الكحولي. وتستمرُّ التشوُّهات العقلية والجسدية مدى الحياة عادة. إذا ولدت المرأة طفلاً مصاباً بمتلازمة الجنين الكحولي، فقد تستفيد من الاستشارة الطبية المتعلقة بسوء استخدام الكحول. وهناك برامج للمعالجة يمكن أن تساعدَ في التغلُّب على إساءة استخدام الكحول أيضاً. لابدَّ من رعاية خاصة للأطفال المصابين بمتلازمة الجنين الكحولي. وقد تشتمل المشكلات على ما يلي:

• فرط الحساسية للمهيجات.
• مشكلات في المص.
• مشكلات تطورية أو نمائية.

قد يكون الطفلُ شديدَ الحساسية للمس والأصوات والضوء. وعلى الأم أن تبحث عن الأشياء التي تسبب تهيجاً شديداً لطفلها. وذلك من قبيل:

• الألعاب اللامعة أو التي تصدر ضجيجاً.
• ألعاب الفيديو.
• الأفلام والعروض التلفزيونية.

إذا بدا الطفل منزعجاً، فإن على الأم أن تحاول تهدئته في غرفة مظلمة هادئة. على الأم أن تتجنَّبَ اصطحاب طفلها إلى أماكن شديدة الازدحام أو الضجيج. وهذا ما يشمل مراكز التسوق ومتاجر البقالة. عندما تقوم الأم بإلباس طفلها، فإن عليها أن تتجنب الملابس التي تحمل لصاقات أو التي فيها درزات خياطة يمكن أن تزعج جلد الطفل. إن هذه الأشياء يمكن أن تهيج الطفل وتجعله شديد البكاء. يجب الانتباه إلى أن الطفل يمكن أن يرفض تناول بعض أنواع الأغذية. وقد ينزعج من أي لمسة. كما يمكن أيضاً ألاّ يستجيب جيداً لدرجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة. من الممكن أن تؤدِّي صعوبات المص إلى منع الطفل من الحصول على الغذاء الكافي لنموه. يجب الإكثار من الرضعات مع تقليل الكمية في كل مرة. ومن الممكن أن تُرضع الأم طفلها كل ساعة على سبيل المثال. أما إذا كانت الأم ترضع طفلها عن طريق زجاجة الإرضاع، فإن عليها استخدام الحَلَمات البلاستيكية المخصصة للأطفال المولودين قبل الأوان. على الأم أن تسألَ الطبيب عن علامات المراحل الأساسية لتطور الطفل والتي يجب الانتباه إليها. كما يجب أن تسأله عن كيفية تشجيع تطور المهارات لدى الطفل. ومن الممكن تشجيع تطور الطفل من خلال إكثار القراءة له والتحدث معه واللعب معه. يمكن أن تكون العيوب القلبية الناتجة عن متلازمة الجنين الكحولي في حاجة إلى جراحة. قد تتوفَّر في المدرسة خدمات خاصة تساعد في التغلب على مشكلات التعلم. وغالباً ما يستفيد أهل الطفل من المشورة من أجل مساعدتهم في تجاوز مشكلات الطفل السلوكية أيضاً. يستطيع أهلُ الطفل المصاب بمتلازمة الجنين الكحولي القيام بخطوات من أجل التعامل مع المشكلات السلوكية لدى الطفل. إن البرنامج اليومي الثابت يمكن أن يساعد الطفل. ويجب وضع وتنفيذ قواعد وحدود بسيطة. كما يجب مكافأة السلوك الجيد الذي يقوم به الطفل. يتسم كثير من الأطفال المصابين بمتلازمة الجنين الكحولي بالضعف. وهذا ما يعني وجوب الحرص والانتباه حتى لا يستغل الأطفال الآخرين هذه الن. يعدُّ المنزلُ المستقر العطوف أمراً شديد الأهمية من أجل حماية الطفل المصاب بمتلازمة الجنين الكحولي. ويكون الطفل معرضاً لخطر الإصابة بمشكلات في مرحلة لاحقة من حياته. ومن هذه المشكلات:

• سوء استخدام المخدرات.
• ترك المدرسة.
• السلوك الإجرامي.

يجب تعليم الطفل مهارات الحياة اليومية. وعلى الأهل أن يحرصوا على حسن اختيار من يرعى الطفل في غيابهم. وذلك لأن الطفل المصاب بمتلازمة الجنين الكحولي يمكن أن تكون لديه سلوكيات يصعب التعامل معها.
الخلاصة

من الممكن أن يؤدي الكحول إلى إلحاق الأذى بالطفل في أي مرحلة من مراحل الحمل. ومن الممكن أيضاً أن يؤدي إلى إلحاق الأذى به حتى قبل أن تعرف المرأة أنها حامل. متلازمةُ الجنين الكحولي (fas) هي حالة ناتجة عن تعرض الجنين للكحول خلال الحمل. تشتمل المشكلات التي قد تنتج عن متلازمة الجنين الكحولي على التشوهات الجسدية، والتأخر العقلي، واضطرابات التعلم، وصعوبات الرؤية، والمشكلات السلوكية. لا توجد كمية من الكحول تعتبر آمنة خلال الحمل. وكلما أكثرت الأم من تناول الكحول خلال حملها، كلما ازداد الخطر الواقع على جنينها. لا تعدُّ متلازمةُ الجنين الكحولي عيباً ولادياً وحيداً، وذلك بسبب وجود مجموعة من المشكلات المتصلة بهذه المتلازمة. وتتنوَّع المشكلات من طفل لآخر. لكن هذه المشكلات كلها غير قابلة للشفاء. لا يوجد شفاء، ولا يوجد علاجٌ محدَّد، لمتلازمة الجنين الكحولي. كما أنَّ العيوبَ العقلية والجسدية الناتجة عنها تدوم طوالَ الحياة في معظم الحالات. إن المنزل المستقر العطوف هو العامل الأكثر أهمية من أجل حماية الطفل المصاب بمتلازمة الجنين الكحولي.