وعد بلفور

[ابن الحته]

قبل أن تنتهي الحرب العالمية الأولى(1914-1918)
أو يتقاسم المنتصرون فيها الدول التي تُسيطر عليها الإمبراطورية العثمانية،
سارع آرثر بلفور وزير الخارجية البريطاني آنذاك، بكتابة رسالة إلى البارون روتشيلد المصرفي
البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا في 2 تشرين الثاني من عام 1917 التي
أدّت إلى قيام دولة إسرائيل، وتسبّبت فيما تبعها من أزمات وحروب في الشرق الاوسط.



كانت الرسالة المعروفة حاليًا بـ "وعد بلفور" أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع
طموحات الحركة الصهيونية لتُقيم وطنًا قوميًّا لليهود في فلسطين؛
إذ طلب بلفور في رسالته إلى روتشليد أن يُبلِغ زعماء الصهاينة في إيرلندا والمملكة
المتحدة بموقف الحكومة البريطانية من مساعي حركتهم،
بالرغم من أنّ الرسالة لا تُصرِّحُ بتأييد الحكومة البريطانية لتأسيس
دولة يهودية في فلسطين، إلا أنّها أدت دورًا رئيسيًّا في إقامة إسرائيل
بعد واحدٍ وثلاثين عامًا من الرسالة، أي في عام 1948،
كما ساهم وعد بلفور في تشجيع اليهود في القارة الأوروبية على الانتقال
الى فلسطين نهائيًّا، خلال الفترة ما بين الحربين العالميتيْن الأولى والثانية،
وفي ذلك الوقت كانت أوروبا تشهد صعودًا للتيارات القومية المُعادية للسامية.



لم يتضمن وعد بلفور كلمة "دولة إسرائيل" صراحةً بل تحدّث عن وطن لليهود،
ويؤكّد عدم القيام بشيء يمسُّ الحقوق الدينية أو المدنية لسكان فلسطين الأصليين،
وكان وعد بلفور تتويجًا لعدّة سنواتٍ من المفاوضات والاتصالات بين ساسة بريطانيا
وزعماء الحركة الصهيونية فيها؛
فقد كان مصير الأراضي الفلسطينية قيْد البحث في الدوائر الحاكمة في بريطانيا
منذ أن دخلت الحرب العالمية الأولى، وكان أول لقاء بين حاييم وايزمان
(زعيم الحركة الصهيونية فيما بعد) وآرثر بلفور عام 1904 ودارَ حول فكرة إقامة
وطن لليهود في فلسطين.



بالنسبة لأسباب إصدار بريطانيا وعد بلفور، فهناك الكثير من التفسيرات أهمها ما يأتي:


أرادت بريطانيا الحصول على دعم اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء
الحرب العالمية الأولى؛ لأنّهم يتمتعون بنفوذ واسع ويُمكنهم دفع الولايات المتحدة
للدخول في الحرب بجانب بريطانيا.
الاعتقاد بأنّ كتاب العهد القديم يضمن حق اليهود في فلسطين.