أوفا ركس | المـلـك المـسـلم الذى حكم بريطانيا وطمثت كتب التاريخ اسمه

[بلسم القلوب]

من يتمعن في التاريخ البريطاني القديم لا بد أنه سمع من قبل بالملك الإنجليزي “أوفا ركس Offa rex” , وذلك رغم قلة المراجع المتوافرة عنه وعن فترة حكمه

كان ملكًا على “مارسيا” أو ما تُعرف بأسم “إنجلترا الوُسطى”، ثم توسع حكمه إلى غالبية أجزاء إنجلترا. واستطاع أن يُوحد غالبية المقاطعات الإنجليزية تحت حكمٍ واحد
لا توجد مراجع وافية ودقيقة عن حكم “أوفا ركس” وإنجازاته خلال 39 عامًا من حكمه البلاد، على الرغم من كونه واحداً من أعظم حكام أوربا بالقرون الوسطى ومساهمته في توحيد الممالك الأنجلوساكسونية السبع وجهوده في الإنعاش الاقتصادي
كما أن الغموض يزداد عندما نجد أن المناهج الدراسية البريطانية لم تتناول فترة حكم “أوفا ركس” واختفى تقريبًا من الكتب الدراسية والمصادر التاريخية ! , هذا يجعلنا نُفكر في السبب الذي دفع القائمين على التاريخ الإنجليزي بحذف كل ما يتعلق بهذا الملك؟ وهل هناك سرٌ ما يخشى هؤلاء أن يُكشف للعلن عن الملك الإنجليزي العظيم
تولى أوفا ركس مُلك مرسيا ببريطانيا في عام 757م بعدما قُتل ابن عمه إيزلبالد من أعدائهما، وقيام حرب أهلية بسبب تدخل شخص مجهول الهوية أدعي أحقيته بالملك ، فانتصر أوفا عليه ، بعد ذلك استعدَ لتوحيد الممالك السبع تحت حكمه , وقد نجح في ذلك بعد أن فتح الممالك الصغيرة حوله أمثال “كنت” (Kent) و”وست” (West) و”ساكسونس” (Saxons) و”ولش” (Welsh)، كما قام بتزويج بناته من حاكم “وساكس” (Wessex)، وحاكم “نورثومبيا” (Northumbia)؛ فوسع بذلك دائرة نفوذه حتى شمل كل أجزاء إنجلترا تقريبًا، ودخل في معاهدات مع ملك فرنسا “شارلمان” ومع البابا “أندريان الأول” وقد كانت علاقات الملك أوفا ركس مع الدولة العباسية قوية؛ مما جعله يتعرف عن قرب على الديانة الاسلامية وأخلاق المسلمين
ومن أهم أثار هذا الملك السور أو السد الذي بناه بين “مارسيا” و”واش” والذي يُعرف حتى الآن بـ”سور أوفا”. والذى بناه ليحمي المملكة من غزو القبائل الإسكتلندية في الشمال. ولا تزال آثار السور قائمة حتى اليوم وتُعتبر معلمًا سياحيًا شهيرًا في البلاد ويُعرف باسم سور أوفا Offas Dyke.
عام 1841م حمل معه مفاجأة كبيرة للمؤرخين؛ عندما تم العثور على قطعة نقود ذهبية غريبة تمامًا تعود لعهد هذا الملك الإنجليزي قلبت موازين التاريخ البريطاني وذلك عندما أوضحت أن بريطانيا قد حكمها ملك مسلم من قبل كما يدعي بعض الخبراء
القطعة الذهبية المحفوظة الآن في المتحف البريطاني تحمل في وسطها كملة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وفي الحافة كتبت عبارة “محمد رسول الله”، ثم الآية الكريمة “أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله”. أما في وسط الوجه الثاني فنجد كتابة عربية أخرى وهي “محمد رسول الله”. وفي وسط هذه الجملة سجل اسم الملك “أوفا” باللغة الإنجليزية. أما في الحافة فقد كتب باللغة العربية: “بسم الله.. ضرب هذا الدينار سبع وخمسين ومائة”

وفى عام سك هذه العملة بالتحديد كان “أوفا” بأوج حكمه الذي طال 39 سنة، انتهت بوفاته وتوريث ابنه الذكر الوحيد “ايكغفيرث” مكانه، لكن الابن لم يعش بعد توليه العرش سوى 141 يوماً ، وبموته انتهت السلالة “الأوفية” وطوى الزمن التداول بذلك الدينار، إلا أن السؤال المحير بشأنه استمر: ما الذي دفع ملك في بلاد غارقة بالمسيحية ذلك الوقت إلى إصدار عمله تحمل رموز الإسلام
قدم المؤرخون فرضيات ونظريات عديدة لتفسير لغز هذه القطعة النقدية ، سك الدينار العربي كان رائجًا في تلك الفترة من الزمان لتسهيل التبادل التجاري مع العرب المسلمين، كما أن كتابة أسماء باللغة العربية على عملات نقدية غربية كان رائجًا في تلك الفترة، مثل الملك “ألفانسو الثامن” و”فاسيلس ديميتريش”، وبعض أمراء النورمان أمثال “وليام دروجر”. حتى أن الإمبراطور الألماني “هنري الرابع” سك اسم الخليفة العباسي “المقتدر بالله” على نقود بلده لإعجابه به. لكن لم يقم أي منهم بكتابة عبارة التوحيد والشهادة على نقود بلده كما فعل الملك “أوفا”
كل هذه التساؤلات تقودنا في النهاية إلى اعتقاد صريح وواضح، هو أن الملك أوفا قد أسلم، أو أنه تأثر بالإسلام بشكلٍ كبير وواضح ورُبما أسلم سرًا خوفًا من بطش الكنيسة لكن معالم إسلامه ظهرت عبر عملته .

أما الفرضية الثانية: ان الملك “أوفا” استعمل هذه الجمل والكلمات العربية والآيات كزخرفة أو كزينة دون أن يفهم معناها، أو ربما لأنه كان عاجزا عن سك النقود فاستعان بخبراء الدولة العباسية ذلك الوقت.ولكنها فرضية لا تتفق مع المنطق، فمن المستحيل أن ينقش عبارات لا يعرف معناها، ولو سأل وعرف لرفضها لأنها شهادة إيمان بدين آخر، أي ليست للزخرفة كيفما كان. ويرد المعتقدون باعتناقه للإسلام بأنه لا يوجد ملك أوروبي حفر مثله شهادة التوحيد الإسلامية على أي نقد أصدره , كما ان المؤكد في الأمر أن البابا واعوانه أظهروا العداوة للملك أوفا ركس؛ مما جعل الملك يُعادي سلطتهم الدينية فما إن وصلت الأخبار إلى الفاتيكان بأنه معادٍ للبابوية وللعقيدة الكاثوليكية، وتهديده بخروج إنجلترا من الكنيسة الرومانية، وربما أيضًا إسلامه سرًّا حتى أرسل البابا ولأول مرة منذ دخول إنجلترا للمسيحية بعثة تحمل كبار مبشريها لمحاولة منع شعب إنجلترا من ترك دينهم والاهتداء للإسلام؛ خوفًا من اتباعهم لملكهم ذي الشعبية , كما حرضت الفاتيكان ويلز للحرب ضد أوفا ويبقي السؤال المحير: هل كان “أوفا” مسلماً يخفي إيمانه، ومات ولم يدر بإسلامه أحد؟
وعلى الرغم من أن كافة المراجع والمصادر البريطانية تنفي احتمال إسلام الملك “أوفا ركس”، وتعتبر أن العملة النقدية التي تعود إلى فترة حكمه ترتبط بتسهيل التبادل التجاري مع المسلمين وليس إلى إسلامه، لكن الكثير من الشكوك حول صحة هذه الادعاءات قائمة ولا يُمكن إغفالها
وتبقى الحقيقة ضبابية حول الأمر، ولا يُمكن التثبت منه إلا بدراسة عميقة للتاريخ الأنجلوسكسوني القديم وتاريخ فترة حكم “أوفا ركس”. فمؤكد أن هذه الدراسات ستقود إلى شيء في نهاية المطاف
مماتصفحت