مرحبا عزيري الزائر قم بالتسجيل الأن ..
إذا كان لديك بالفعل حساب لدينا قم بتسجيل الدخول الأن ..


حفظ البيانات .. ؟

هل نسيت كلمة السر .. ؟
العودة   مميز > ::: منتديات مميز الّإسْلاَميِة ::: > •~ القرآن الكريم وعلومه وأحكامه~•
الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 11-13-2021, 01:29 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
نزف القلم
اللقب:
مميز ماسي
الرتبة:
عضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركةعضو لديه أكثر من 400 مشاركة
الصورة الرمزية

الصورة الرمزية نزف القلم

البيانات
التسجيل: Feb 2021
العضوية: 4875
المشاركات: 4,180 [+]
بمعدل : 3.03 يوميا
اخر زياره : [+]
الإتصالات
الحالة:
نزف القلم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : •~ القرآن الكريم وعلومه وأحكامه~•
افتراضي الإسراءُ مفهومًا وغَايَةً

الإسراء مصدر قياسي للفعل الرباعي (أسرى)، وأسرى فعل ثلاثي مزيد بالهمزة، و"سرى" يعني المشي ليلا، وهذه الهمزة تُفْهِمُ أنه أُسْرِيَ به، ولم يَسْرِ هو بنفسه، فهي تعني معنى التفضل، والنعمة، والاقتدار، والقوة، والحب، والحدب، يقول - تعالى -: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].
بدأت السورة بالتسبيح، وهو التنزيه والتقديس؛ لأن هذا الحدث فوق قدرات البشر، ولا يقوم به إنسان، مهما أوتي من جبروت العلم، وسطوة الفهم، والمتأمِّل فيه يوقن بأنه حدَث الأحداث، ومعجزة المعجزات؛ إذ كيف يمكن لبشر أن يأخذ بشرا في رحلة أرضية من مكةَ المكرمةِ إلى بيت المقدس، هذه المسافات الطويلة، ثم يُعْرَجُ به إلى السماوات العُلا إلى سِدْرة المنتهَى، ويُرِيه كلَّ تلك الآيات الباهرات، ثم يعود به قبل أن يبرد موضع نومه، حتى إن العرب أنفسهم الذين يَعْرِفون بُعْدَ المسافة بين المسجدين استبعدوا ذلك، وقالوا: تأتي بيتَ المقدس الذي نضرب له أكباد الإبل شهرا، ثم تعود إلى دارك في هذه اللحظات القليلة الرمزية!
نعم، إن أول أهداف الإسراء بيانُ القدرة الإلهية، وإيضاحُ المعجزة الربانية، والهيمنة الحقيقية على كل مَنْ وما في الكون؛ لأن الله خلق الزمن فكيف يُحيط به الزمن، وخلق المكان فكيف يحويه مكانٌ، إن الله - تعالى - لا يعالج الأمور والأشياء كما نعالجها نحنُ، إنما كل شيء عنده يتأهب لسماع (كُنْ) فيكون في الحال ويحدث على الفور، وكل شيء عنده بمقدار، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].
وأما ثاني تلك الغايات فهو التسلية والتسرية عن حبيبه محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو مفهوم من معنى الإسراء وهو التسرية والتخفيف، حيث بلغ بقريش معه حدا بعيدا من الظلم والتجنِّي والاضطرار إلى الخروج، وحيث أٌدْمِيَتْ قدماه الشريفتان، وهذا يتجهم، وذلك يحاول التصدي له وامتلاك دعوته، وثالث يساومه على تركها، حتى قال الرسول الكريم: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس برحمتك يا رب العالمين، أنت رب المستضعفين وأنتَ ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدوٍّ ملكتَه أمري؟ إنْ لم يكن بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسعُ لي، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحلَّ بي سخطك، أو ينزلَ عليَّ غضبك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بكَ "، دعاءُ الحبيب للحبيب، فيه إخباتٌ وخشوع، وخضوع ودموع، رقة متناهية، توكُّل صادق، يقينٌ كامل بنصرة الله - جل جلاله.
دعاء المضطر، الذي بذل كل ما لديه، واتخذ كلَّ الأسباب، فهذا الدعاء يُرْفَعُ بعد زيارته الطائفَ، واضطهاد أهل مكة له، فخرج بدعوته إلى حيث يستجاب لها، وحيث تَنْتَشِر، ومضى يمشي على قدميْه حتى فوجئ بهؤلاء الطائفيين يرمونه بالحجارة، ويُغْرُونَ به سفهاءَهم وصبيانهم - صلى الله عليه وسلم.
فتتنزل رحمة الله به في رحلة أرضية سماوية تخفف عنه، وتمسح على جبينه، وتكفكف دمعه، وتربط على كتفيه، وتشعره أنه ليس وحده في هذا الوجود، وإنما معه ربُّه لا ينساه، ومعه مولاه يرعاه، ويرعاه: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ [الإسراء: 1]، والباء هنا بمعنى "مع"، فالسُّرَى فيه مصاحبة ومَعِيَّة، واستخدام كلمة "عبده" لبيان التسامي، والرقي، فهو قدَّم أسباب الصحبة، وعوامل القرب، وهي الإخبات وإظهار التذلل لله، والعبودية لجلاله وقدسيته، وجاءت كلمة (ليلا) لتبين الجلال والتملِّي، والمهابة والقدسية، وأنها رغم عظمتها وكبر حجمها إلا أنها لم تأخذ إلا بعض وقت ولم تستغرق كل الليل إنما استغرقت وقتا يسيرا قليلا، تناسبه تنكير كلمة (ليلا)، والليل - كما هو معروف - مجمع الحنان، ووقت التسرية والأمان، حيث التأمل والتفكير، والتسبيح والنور، والطهر والنقاء، وحيث طِيبُ الهواء، ونقاء الأجواء، وحيث يبدو الصفاء، ويحل البهاء. ومن تلك الغايات كذلك إظهارُ أن السماء لا تتخلى عن الأرض أبدا، ما دام في الأرض مسبِّح عابد، ومُخْبِتٌ داع، تتنزل الرحمات والهبات، ويكون الإرشاد والعظمات والتساند والفيوضات والعطاءات، وهو درس كبير من دروس الإسراء، حتى يعمل الدعاة ولا يقلوا ويجتهدوا ولا يملوا. ومنها كذلك ضرورة أن يفهم الداعية أن الحركة مطلوبة؛ والدأب أساس في العمل الدعوي، وأنه إذا ما تصلب قوم تجاه داعية ما فعليه أن يرحل إلى مكان آخر يبلغ دعوة ربه، ويسعى لنشر دينه مهما كلفه ذلك من سفر ومشاق وابتلاء وقطع للأرزاق، ودماء وأشلاء؛ فإن طريق الدعاة طويل، وامتحانهم كبير، والمتصدون لهم كُثرُ: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الفرقان: 31] و﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ [الأنعام: 112].
ومنها ذلك من متنزلات ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1] فهو يمضي من طهر إلى طهر، وينتقل من عفاف إلى عفاف لا يعرف إلا الحياة النقية، والأماكن الطاهرة، وفيها إعلان كذلك بوراثة المسجدين للمسلمين، فكل من المسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد الأقصى بالقدس الشريف بفلسطين هما ملك للمسلمين شاء مَنْ شاء، وأبَى مَنْ أبَى.
ثم غاية كبرى لهذه الرحلة العظمى وهو بيان الآيات وشرح مستقبل الأمة وأخذ الحيطة والحذر من كل ما يقع، وكيفية الخروج منه، فهو رحلة تبصير وتنبيه ﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1] رأى مرئيات كثيرة ولها دلالات عظيمة، منها ما يتعلق بأثر الكلمة ودورها في المجتمع، ومنها بيان قيمة الزمان في المجتمع الإنساني، ومنها خطورة الربا وآثاره المدمرة، ومنها الحرص على قدسية المرأة، وعدم الاختلاط الداعي إلى الزنا، وحياة الفحش والخَنَا، ومردود ذلك على المجتمع، ومنها التحذير من الدنيا وزينتها، ومنها خطورة الاغتياب، وعواقبه السيئة، ومنها بيان طبيعة الدين الإسلامي النقية، السهلة، السلسة، وتعاليمها الواضحة الهينة اللينة، ومنها مكانة المجاهدين، ومنزلة الجهاد عند الله - سبحانه -، ومنها بيان مكان الصلاة، وأنها معراج المؤمن إلى ربه، وصِلَة العبد بمولاه، ومنها ما يتعرض له الإسلام ودعاته من عواصفَ هُوجٍ، وأباطيلَ، وعراقيلَ، وابتلاءات واضطهاد من هنا وهناك، وما يحيط به، ويَحيك به من دسائس ومكر، وخطط ماكرة لطمسه، وقتل أنصاره، ووجوب الصبر، والتجمل، الكثير، والكثير من الرُّؤى والرموز، والدلالات، والمفاهيم.
إن الإسراء له مفاهيمُ، وتحيطه غاياتٌ، ويشتمل على مَعَانٍ ودلالات، ومُرادات، يجب علينا أن نعيشها، ونتأملها، ونعمل بمقتضاها حتى تكون لنا الريادة، والسيادة، والقيادة لهذا العالم التعيس، نريد أن نُنير الدنيا بالإسلام، ونأخذ بأيدي الخلق إلى رحاب الخالق، ونخرجهم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، والحمد لله رب العالمين، وكل عام وأنتم بخير.

د. جمال عبدالعزيز أحمد












توقيع : نزف القلم






[img3]https://up.lyaly-alomr.com/do.php?img=3767[/img3]

عرض البوم صور نزف القلم   رد مع اقتباس
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:20 PM.



Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, hyyat
الموضوعات المنشورة في المنتدى لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع انما تعبر عن رأي كاتبها فقط