مقابر الأرقام

[ناشر العلم]

مقابر الأرقام


من أن لآخر تكون إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم تلك التى تفرض عقوبات على الجثث، حيثما أنها تحتجز اعداداً غير معروفة من جثث الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين استشهدوا في مراحل متعارضة من الكفاح الوطني.

وأقامت اسرائيل لهذه الغاية مقابر سرية علمت باسم مقابر الأرقام، حيثما كشف النقاب عن أربع مقابر كهذه، فضلاً عن احتجاز جثث أخرى في ثلاجات.
ما هي مقابر الأرقام؟

المقابر السرية عبارة عن مدافن بسيطة، محاطة بالحجارة بدون شواهد، ومثبت أعلى القبر لوحة معدنية تحمل رقماً معيناً، ولهذا سميت بمقابر الأرقام لأنها تتخذ الأرقام بديلاً لأسماء الشهداء. ولكل رقم ملف خاص تحتفظ به الجهة الأمنية المسؤولة، ويشمل المعلومات والتصريحات الخاصة بكل شهيد.

مقابر الأرقام 1


وقد كشفت مصادر صحفيّة إسرائيلية وأجنبية في السنوات الأخيرة معلومات عن أربع مقابر أرقام هي:

1. مقبرة الأرقام المجاورة لجسر ”بنات يعقوب”، وتقع في منطقة عسكرية عند ملتقى الحدود الإسرائيلية – السورية – اللبنانية، وتفيد القليل من المصادر عن وجود ما يقرب من 500 قبر فيها لشهداء فلسطينيين ولبنانيين، غالبيتهم ممن سقطوا في حرب 1982، وما بعد ذلك.

2. مقبرة الأرقام الواقعة في المنطقة العسكرية المقفلة بين مدينة أريحا وجسر داميه في غور الأردن، وهي محاطة بجدار، فيه بوابة حديدية معلق فوقها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية ”مقبرة لضحايا العدو”، ويوجد فيها زيادة عن مائة قبر، وتحمل تلك القبور أرقاماً من ” 5003 – 5107 ” (ولا يعلم إن كانت تلك الأرقام تسلسليه لقبور في مقابر أخرى أم كما تدعي إسرائيل بأنها مجرد إشارات ورموز إدارية، لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر أخرى).

3. مقبرة ”ريفيديم”، وتقع في غور الأردن.

4. مقبرة ”شحيطة”، وتقع في قرية وادي الحمام، شمال مدينة طبريا، الواقعة بين جبل أربيل وبحيرة طبريا. غالبية الجثامين فيها لشهداء معارك منطقة الأغوار بين عامي 1965 – 1975.

وفي الجهة الشمالية من تلك المقبرة ينتشر نحو 30 من الأضرحة في صفين طويلين، فيما ينتشر في وسطها نحو 20 ضريحاً، ومما يثير المشاعر كون تلك المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة والوحوش الضارية.

ومقابر الأرقام تلك التى هي إهانة لإنسانية الإنسان، في حياته وبعد موته، تستصرخ الموقف الوطني للمطالبة باستعادة جثامين اولئك الشهداء، ولتمكين ذويهم من إعادة دفنهم بما يليق بكرامة الإنسان،

ونستصرخ كل المدافعين عن حقوق الإنسان للضغط على حكومة إسرائيل بالإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين فمن العار أن يصمت العالم على عقاب الإنسان حتى بعد موته.

مقابر الأرقام 2

إدعاءات إسرائيلية حول آلية الدفن:

تدعي مصادر صحفية إسرائيلية أنّ جثمان كل ضحية، وفقا لامر قائد المنطقة العسكري، ينقل الى معهد التشريح، حيثما تؤخذ منه عينات دم وتنشأ له بطاقة تحفظ في ملفات قيادة المنطقة و”وزارة دفاع جيش الاحتلال” زيادة على ذلك.

ويسجل في البطاقة كل التفصيلات المعروفة عن الشهيد، بما في ذلك اسمه ورقم تشخيصه. ويتم تصوير الجثة،ثم لفها ببطانية ثم بالنايلون وفي الاخر في شبكة.

وتدفن الجثامين على انفراد في صناديق خشبية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتدفن أرقامها التعريفية معها على شكل قطعة حديدية مقالة داخل زجاجة او إطار.
وتدعي المصادر أن القبر يسجل على خريطة و تنصب فوقه يافطة مع رقم تعريف الجثة.
إدعاءات كاذبة:

نقلت تقارير أجنبية عن شهود عيان أنّ المقابر عبارة عن مدافن رملية قليلة العمق، ما يعرضها للانجراف، فتظهر الجثامين منها، لتصبح عرضة لنهش الكلاب الضالة والوحوش الضارية.

وفي مقابلة مسجلة بثها التلفزيون الاسرائيلي مع البروفيسور الإسرائيلي يهودا، الرئيس السابق لمعهد التشريح “أبو كبير” قال: “إن المقابر تقع كلها في مناطق عسكرية مقفلة، ويتم دفن الشهداء في قبور لا يزيد عمق القبر فيها عن 50 سم، القبور فيها متلاصقة، وقد انكشفت تلك القبور بفعل العوامل الطبيعية، من مياه الأمطار والرياح وانجرافات التربة، ما أدى إلى اختلاط عظام الشهداء بعضها ببعض”.

عيسى قراقع وزير شؤون الأسرى والمحررين في رام الله بدوره يفند الرواية الإسرائيلية في مأخبره إذ يقول:
” أحد شهود العيان وصف كيف تأتي الحيوانات المفترسة وتغرس أنيابها في أجساد الموتى بعد أن تنبش القبور، وكيف تنقض عليها الطيور الجارحة، مشاهد تقشعر لها الأبدان.

الجثث الأسيرة تسحبها الحيوانات أو سيول الأمطار، ويسحبها النسيان السياسي، وغياب ذلك الملف الإنساني الكبير عن أجندة المفاوضات، وأروقة الأمم المتحدة، ولجان حقوق الإنسان.

النمس كان أشرس الحيوانات تلك التى تدخل إلى مقابر الأرقام، ويقوم بالحفر ثم يستخرج الجثة يمزقها ويأكلها.


المصير المجهول لم يعد فقط في الحياة، وإنما زيادة على ذلكً في التراب، لا أسماء ولا هوية ولا شواهد ولا استقرار ولا من يبحث عن الشهداء سوى النمس الجريء ذلك الذي يتخطى الأسلاك المكهربة وحظر منع الدخول”.
مقابر الأرقام 3


وهناك شواهد أخرى أكثر قوة تفند الرواية الإسرائيلية المزعومة، منها التحقيق ذلك الذي نشره الصحفي السويدي “دونالد بوستروم” ذلك ذلك الذي كشف عن سرقة أعضاء للشهداء، وعن عائلات فلسطينية يرجع لها أبنائها وقد شقت أجسادهم على طولها، وبعض الجثامين تلك التى تعود محشوّة بالقطن.

الإسرائيليون أنفسهم اعترفوا بالأمر، ففي تقرير نشرته القناة الإسرائيلية الثانية ذكر أنه في أعوام التسعينات استأصل خبراء الطب الشرعي في معهد أبو كبير الجلد، القرنيات، صمامات القلب والعظام، من جثث فلسطينيين، وعمال أجانب، وجنود من جيش الاحتلال، وغالبا دون إذن من الأقارب.

وهذا ليس بغريب، فبحسب تقرير نشره موقع الجزيرة فإنّ عدداً من الأسرى المرضى يشتكون من قيام عيادة الحبس بإجراء تجارب طبية ودوائية عليهم، واتهموا ما تسمى بمصلحة السجون بإجراء تجارب طبية عليهم ومعاملتهم كالفئران، عبر الحقن وبعض الأدوية تلك التى تؤدي لتدهور أوضاعهم الصحية.

إذ بعث 22 أسيرا فلسطينيا مريضا قبل قرابة شهرين برسائل لذويهم اشتكوا فيها من الإهمال وسوء المعاملة وطالبوهم بتحضير أكفانهم، هكذا يعامل الصهاينة الأحياء فلماذا أحيانا يحترمون الأموات؟
دلال المغربي شاهداً:

بتاريخ 16 من تموز عام 2008، نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية تقريرا زعمت فيه أن رفات الشهيدة دلال المغربي، قائدة عملية الشهيد “كمال عدوان” الفدائية تلك التى نفذت عام 1978 قرب مدينة حيفا في الداخل المحتل، ربما اختفى من القبر الجماعي ذلك ذلك الذي دفنت فيه مع أفراد مجموعتها الاستشهادية في مقبرة الأرقام.

وكانت الصحيفة نشرت في عنوان صفحتها الاولى “الجثة تلك التى اختفت”، و نقلت عن مصدر أمني إسرائيلي زعمه “أن الوحدات الاسرائيلية المسؤولة عن نبش القبور لم تعثر على جثمان دلال المغربي في غضون عملية نقل رفات الشهداء من مقابر الأرقام”، في اطار عملية التتبادل مع مع حزب الله.

وأشارت الصحيفة الى أن الأطباء أكدوا “أن كل الجثامين تلك التى قد تم نقلها من داخل القبر الجماعي ذلك الذي دفنت فيه دلال مع أفراد مجموعتها، كانت جثثا لرجال”.

مصدر إسرائيلي كبير في الحاخامية العسكرية علّق على تلك الحادثة قائلا” إحدى المشكلات هي أنه في المقبرة لضحايا العدو لا توجد بنية تحتية من الأسمنت، مثلما في المقابر المدنية والعسكرية “.

مقابر الأرقام 4

الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء:

بتاريخ 27 آب/أغسطس من العام 2008، أطلق مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، والكشف عن مصير المفقودين.

وكان أحيانا تقدم والد أحد الشهداء للمركز بطلب متابعة قضية ابنه لدى المحكمة الصهيونية، فارتأى مجلس إدارة المركز أن لا تكون متابعة القضية كقضية فردية ما دامت تشمل مئات الشهداء و المفقودين.

ومن هنا انطلقت الحملة تلك التى أثمرت جهودها عن تحرير 118 شهيدة وشهيد، 27 منهم بفعل الجهود القانونية ،والبقية بفعل الجهود السياسية والدبلوماسية تلك التى بذلتها السلطة الفلسطينية.

المصدر
مقابر الأرقام